لماذا لا تجمعون في البرد مع أن البرد أشد حرجا من الشتاء والرخصة إن كثرت ضوابطها لم تعد رخصة؟
فالجواب على ذلك من وجوه:
أولا: الرخص تناط بنوعها لا بجنسها عند جميع الفقهاء ولا يعلم في ذلك خلاف يُعرف
إذ إنه ما من رخصة إلا وفيها مشقة، وبالتالي إن تم اعتبار الرخص بالجنس لا بالنوع *فسيكون هذا من باب معارضة المانع المغمور للمعارض الراجح* وهذا لا يكون بحال!.
فها نحن نجد العامل في المخبز والذي مشقته ظاهرة بائنة لم يجز له الفطر إلا عند التعب المفرط،وكذا من يعمل في التاكسي ليقطع مسافة أكثر من مسافة القصر ولكن لم يجز لهما الترخص بالفطر مثلا، بينما ذاك المسافر المترفه أجزنا له الفطر مع انعدام المشقة في حقه، فهنا نعتبر نوع الرخصة لا جنسها وإلا فسنبطل الشريعة كاملة تحت دعوى "رفع الحرج"!
ثانيا: لو كان اعتبار الرخص فقط لرفع الحرج وللبعد عن المشقة دون تشديد كما يزعم بعضهم لكان جمع الصلاة في صلاة الخوف أولى من جمعها في الحضر،فلما لم يجز الجمع في صلاة الخوف مع وجود الحرج والسيوف عند حز الرقاب فهو في الحضر أولى أن لا نعتبر في الرخصة إلا ما جاء في الشرع من أسباب الجمع المنقولة بالعمل .
ثالثا: أسباب الجمع تم تحريرها من قبل العلماء بناء على عمل منقول عن السلف فمن اعتبر رفع الحرج مناطا ليعلق به الأحكام والأقيسة فقد أتى بعلة عامة تلغي الشريعة وكل فرع كما قال الشاطبي عاد على أصله بالإبطال فهو باطل وهو بالإبطال أولى.
رابعا :الأصل بالأعمال أن تكون على العزيمة والرخص استثناء لهذا الأصل والاستثناء لا بد أن يكون ضيقا محدودا وإلا أصبح الاستثناء أصلا وأصبحت العزائم استثناءً والرخص أصولا وهذا مالم يقله أحد
خامسا: قوله سبحانه {ربنا لا تكلفنا مالا طاقة لنا به} فلا تكليف بما لا طاقة لنا به وعليه فالالتزام بالعزيمة حيث وردت وتحقيق الرخصة حيث كانت هو أخذ بما نطيق ،والزعم بأن هناك حرجا لم تنص عليه الشريعة استدراك على الشرع أنه يكلفنا مالا نطيق وهو محال.
وكتبه
يزن الكلوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق