السبت، 1 مايو 2021

 
طعام أم مال ؟؟
 

الجدل الموسمي لزكاة الفطر





في كل عام ومع قرب حلول العشرة الأواخر في رمضان يبدأ مراثون الجدل في حكم إخراج زكاة الفطر نقدا أم طعام!! 

وللأسف فإن الكلام من المتصدرين لهذه المسألة سلبا أم إيجابا مما يفتقر لمنهجية البحث العلمي، ومن هنا كان لا بد من لمسات وكلمات لا أريد فيها بيان الحكم وإنما بيان طريق الإستدلال وحقيقة الخلاف.

 

أولا : نص الحديث في المسألة

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ ‌صَاعًا ‌مِنْ ‌تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ المُسْلِمِينَ رواه البخاري.»

أما فعل الصحابة بعد هذا الحديث فكان كما في البخاري : عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ العَامِرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ ‌صَاعًا ‌مِنْ ‌تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ»

 

ثانيا : هل الحديث نص في المسالة في الطعام أم لا ؟

يقال عمل العلماء على أن الحديث ليس نصا في المسألة وهذا هو عمل السلف في ذلك بدليل أن القائلين أن زكاة الفطر طعام فقط قد حملوا مذهب التعليل في الحديث فحصروا الطعام على المقتات المدخر فنراهم يفتون بالأرز وهم يعلمون أنه ليس موجودا في الحديث فهذا أكبر دليل على أنهم سلكوا مسلك التعليل وأن الحديث ليس نصا في المسألة ، وكذا من يقول بقول إخراجها مالا فهو ناظر إلى مقصود الحديث وعلته فهو أيضا ناظر لمسلك التعليل والتاويل .

فبالتالي الحديث ظاهر لكل فريق لا نص ، بمعنى أنه دائر بين الراجح والمرجوح وفق ظن المجتهد.

ثالثا : هل  يؤثم من يقول بإخراج زكاة الفطر نقدا عند من يرى منع النقد

لا يؤثم من أفتى الناس بالنقد في زكاة الفطر ولو خالف غيره ما دام مجتهدا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم {إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطا فله اجر واحد} وعليه فلا إثم عليه لاجتهاده بل له الأجر بإذن الله تعالى ولم يقل أحد من علماء أمة الإسلام المتبوعة بأنه آثم ، هذا لم يظهر إلا في هذه الأزمان مع خروج المفتي الفيسبوكي!

 

رابعا : الرد على من استدل أن إخراج غير الطعام فيه مخالفة النص لأن النص لا يحتمل غير ذلك!

1- نص الحديث على أربعة أصناف فإن كان هناك نص لا يحتمل غيره فسنقصر الأصناف في زكاة الفطر على أربعة أصناف ووقتها فلنقصر إذن الربا في الأصناف الربوية المذكورة في الحديث وليكن أيضا لا يوجد ربا في الأموال النقدية لأنه لم تذكر في الحديث وهذا مع أنهم لا يقولون به لكنه لازم لهم في قولهم هذا.

2- فإن قالوا الحديث في رواية قال أنه طعام ونحن نفتي الناس بإخراج الطعام والرز طعام

فيجاب عليهم بأن لفظة (طعام ) تشمل أمورا كثيرة أنتم لا تقولون بجواز إخراجها مثال ذلك اللحوم والدجاج والماء وغير ذلك من المأكولات والمشروبات ولتكن زكاة الفطر وقتها عزيمة في مطعم أحاسب عليها بعد الانتهاء !!

وهم لا يقولون بغير المقتتات والمدخر فبطل استدلالهم في الحديث بأنه نص في المسألة وظهر أنه يرجحون جانبا في الحديث ويرون علة ظاهرة فيه وهذا ما نريده لهم أن يجعلوا الحديث والمسألة داخلة في قسم الظاهر المتردد بين الراجح والمرجوح الذي لا يعادي عليه ولا يوالي ولا يقسم الناس بناء عليه

خامسا : الرد على من منع الطعام واعتبره جمودا في الوقت الحاضر وأن إخراجها مال واجب

يقال لهؤلاء

1- الشرع يحكم على الواقع وليس الواقع يحكم على الشرع فما جاز في زمن الصحابة يجوز لنا الآن أما إحداث سبب جديد وهو المصلحة للفقير وإدخاله للسبب الشرعي وإضعاف السبب الشرعي فهذا فيه أنسنة الشريعة وان الشريعة تتبع الطبائع الإنسانية !

 

سادسا : الإنكار في مسائل الاجتهاد مرتبة علمية لا تجوز للمقلدين

لو طالعنا في كتب الأصول لوجدنا ما من كتاب إلا ويبين أن الإنكار لا يكون في المسائل المقبولة المعتبرة وأن المنكر لغيرها لا بد أن يكون عالما

فإن سئل العالم ما هي المسائل غير المعتبرة التي يحرم مخالفتها وعلى العالم إنكارها

فيقال جوابا على ذلكما خالف نصا أو إجماعا أو قاعدة فقهية أو قياسا جليا فإنه يرد من العلماء .

سابعا : هل يؤخذ بالاحتياط في مثل هذه المسائل

لم يعهد عن السلف أنهم يأخذون بالاحتياط في مثل هذه المسائل بل المعهود عنهم أنهم يفتون بما في ظنهم أنه مقصود الشارع ، أما إن قلنا إن الاحتياط هنا لا بد من استحضاره فيقال أما العالم فيفتي الناس بما في ظنه وإلا لشدد على الناس في ما سهله الله عليهم ، أما العامي المقلد فليس له الحق في الإنكار على غيره بالاحوط وإنما يستعمل الأحوط إن شاء في نفسه بعد دلالة مفتيه على ذلك.

ثامنا: خاتمة مهمة

لا بد أن يعلم أخيرا أن العامي يسأل مفتيه فبما يجيبه يتبعه لقول الله {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} اما مرحلة إنتقال العامي من مرحلة السؤال إلى مرحلة الإنكار فهذا فيه اقتحام لساحة المجتهدين وتطلع لسلب منصب العلم منهم!

 

فليتعلم الواحد منا دينه وأصوله وطرق الجدل الشرعي وكيفية إبطال أقوال الخصوم ثم له الحق كاملا بعدها في الاعتراض ولن نسمع هذا الطرح المتهافت عندها

خذ ما شئت واترك ما شئت لكن بعلم

يزن فايز الكلوب

2/5/2021هـ

20-رمضان 1442

 

 

 

السبت، 3 أبريل 2021

حرس الحدود في بيان اقتحام الدنيويين لخلاف الأصوليين في قياس الأسباب

 

حرس الحدود في بيان
تسلل الدنيويين لخلاف الأصوليين في القياس على السبب



 

توطئة : قدم الأصوليون نموذجا راقيا في تحقيق الخلاف في المسائل وتدقيقها وبيانها، ونصصوا أن الذي يقتحم ساحة الفتوى والاجتهاد هو المجتهد المطلق ومجتهد المذهب الذي يستطيع أن يخرج الفروع على أصولها ويبين القول الحق بالطريق الحق وفي هذه المقالة بيان لمسألة اختلفت فيها أنظار الأصوليين وكيف استغل الدنيويون ممن لا يحسنون العلم هذا الأمر فإليكم البيان

 

أولا : توصيف المسألة :القياس على السبب هو أن يرتب الشارع وصفا سببا لحكم ما كترتيب الحد في الزنا على الزاني ،فيقاس على هذا الوصف وصفا آخر ويحكم عليه بأنه سبب لذلك الحكم بعلة  جامعة فيقيسون اللواطة مثلا على الزنا بجامع أن كلا منهما سبب لايجاب حد لايلاج محرم في فرج مشتهى

 

الفريق الأول :المجيزون وهم أكثر أصحاب الشافعي وجماعة من الحنفية والحنابلة واختاره الامام الغزالي وابن قدامه بأنه يجوز القياس على السبب بشرط اتحاد السبب والحكمة ومن أدلتهم أن السبب حكم شرعي عام والشريعة اطلقته فلماذا يمنع وهو مطلق الى غير ذلك من أدلة الجواز إلا أنهم اشترطوا اتحاد السبب والحكمة فبدون اتحاد السبب والحكمة لا يجوز اجراء القياس.

 

الفريق الثاني: المانعون : وهم أكثر الحنفية والمالكية وجماعة من الشافعية والآمدي وابن الحاجب والبيضاوي وانتصروا لمنع القياس على السبب و الشرط والمانع وقالوا إنه لو جاز القياس في السبب لأصبح السبب الشرعي غير مؤثرا في الحكم والشارع أثبته مؤثرا ، ولأن الحكمة لا بد أن تكون منضبطة بنفسها وظاهرة فإن كانت في السبب ظاهرة منضبطة فلماذا تجرون القياس فيها على غيرها ولا تكتفون بالوصف الذي فيها الذي يستقل بالمنع من غير قياس على السبب

 

والذي اتفق عليه الفريقان هو الحكم الشرعي فان المانع أو المجيز للقياس على السبب والشرط والمانع اتفق على الحكم الشرعي سواء أكان بقياس على السبب أم بغيره ،

الفريق الثالث المتسلل على جدار الشريعة الغراء : الدنيويون ولهم تلفيق في هذا الباب عجيب!
ويريدون القياس على السبب والشرط والمانع ولكن من غير تحقيق أصولي في الاتحاد بين السبب والحكمة فأتوا على حقائق الشريعة فبدلوها وزعموا أنهم يجرون القياس على الأسباب ،فذهبت الشريعة لتصبح الإنسانية متحكمة على الشريعة ،كقولهم أن الطلاق لا يقع إلا أمام القاضي فهنا لم يتحد السبب مع الحكمة لأنهم أتوا بسبب جديد من عند أنفسهم وأرادوا به أن يلغوا الحكم الشرعي فصار الحكم الشرعي غير مؤثر ولا معتبر حتى يأتي السبب الإنساني ليعتبره

خلاصة الأمر : أن الدنيويين هدموا الشريعة وأخذوا ممن أجاز القياس على الأسباب عناونهم ولم يأخذوا ضوابطهم فلفقوا بين المذاهب وهدموا الشريعة فلا هم طبقوا مع المجيزين للقياس في السبب شروطهم ، ولا هم بنوا الحكم الشرعي كالمجيزين من العلماء

فالحذر من أمثال هؤلاء ممن يريدون خراب الشريعة ويتسللون من بين المذاهب والأصوليين

ولكن حرس الحدود لهم بالمرصاد

وكتب

يزن الكلوب

الماجستير المالكي

4-3-2021

22-شعبان-1442

لم لا يجوز الجمع بعلة البرد فقط

  لماذا لا تجمعون في البرد مع أن البرد أشد حرجا من الشتاء والرخصة إن كثرت ضوابطها لم تعد رخصة؟ فالجواب على ذلك من وجوه:   أولا: الرخص تناط ب...